إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
90742 مشاهدة
أعلم الناس بالمغازي

يقول: أعلم الناس بالمغازي أهل المدينة يعني بغزوات النبي- صلى الله عليه وسلم- ثم أهل الشام يعني بغزو وفتوح الشام مغازي الواقدي اسمها فتوح الشام ثم أهل العراق كأصحاب ابن مسعود أهل المدينة أعلم بها لأنها كانت عندهم يعني غزوات النبي صلى الله عليه وسلم أهل الشام كانوا أهل غزو وجهاد يعني هم لهم جهاد حيث إنهم فتحوا بلاد الشام ومصر والعراق ونحوها، كان لهم من الجهاد والسير ما ليس لغيرهم؛ لأن من كان مجتهدا في أمر فإنه يهتم بما يقع فيه.
يقول: لهذا عظم الناس كتاب أبي إسحاق الفزاري الذي صنفه في ذلك، يعني أنه أصبح معتمدا مع أنه من جملة الكتب التي صنفت في المغازي وجعلوا الأوزاعي أعلم بهذا الباب من غيره من علماء الأمصار والأوزاعي عبد الرحمن بن محمد مشهور عالم الشام توفي سنة مائة وسبع وخمسين وهو من العلماء المشاهير من حفظة الحديث ومن علماء الأمصار فله علم بهذا كله.